Association Franco-Libyenne
pour la Culture et la Science
الجمعية الفرنسية الليبية للثقافة والعلوم
Accueil > Le blog > التاريخ المجهول
Publié le 03/07/2025 par HUSSIEN Azarog

التاريخ المجهول

 

صدر العام 2012 كتاب باللغتين العربية والفرنسية ، بعنوان : ( التاريخ المجهول .. العلاقات الليبية الفرنسية في فزان 1943 – 1956 ) . حوى مجموعة ابحاث لثلة من المؤرخين والمختصين ، عرضت ضمن ” ندوة فزان ” . باشرف المعهد الفرنسي للبحوث المغاربية المعاصرة ( تونس ) ، بالتعاون مع المركز الوطني للمحفوظات والدراسات التاريخية ( ليبيا ) . اقيمت بالعاصمة التونسية ، ديسمبر 2009 م . في التوطئة ، المنسق العام الدكتور المنصف وناس ، مديرالمركز الفرنسي ، يلفت الانتباه الى ” ان مبحث علاقات فرنسا باقليم فزان لم يدرس علميا بما فيه الكفاية ” . وفي كلمة موجزة ينبه الدكتور الطاهر الجراري مدير المركز الوطني الليبي ، الى اهمية الندوة في سعيها لتوضيح دوافع وظروف الاندفاع الفرنسي نحو جنوب ليبيا . في المقدمة . تولى الاستاذ بيار نوال دوينيي ، تقديم قراءة موجزة لمجمل المشاركات ، بعنوان : فرنسا في فزان .. الرهانات والاستراتيجيات الاجتماعية والقبلية ” ، يستعرض خلالها بعض التقاطعات في افكار الباحثين . – اضاءات حول مشاركات الاساتذة :

 

( 1 ) انري مارتال . ( فزان في المخيال الامبراطوري الفرنسي .1835 – 1956 ) قراءة معمقة تركز على طموحات التوسع الفرنسي في فزان ، ” والتي هي طموحات استراتيجية وجغراسياسية – تشاد والجزائر وتونس – اكثر من ان تكون تنموية او حضارية . وتقف عند مسعى فرنسا الى عزل السكان ، وخلق تحالفات محلية . ” فزان القاعدة الخلفية المحتملة لإعادة غزو الاقاليم المغاربية ، والعتبة الغربية لدار الاسلام ” ، وقد اضحت محل رهان دولي ، ومنطقة صراع امتيازات الدول الاوروبية ، فرنسا ، بريطانيا ، الدولة العثمانية . فبينما سعى الفرنسيين الى اقامة منطقة نفوذ تمتد من الجزائر الى القاهرة ، كان الانجليز متحفزون لمنع ذلك ، مطمحهم تدشين خط تجاري يمتد من خليج سرت الى بحيرة تشاد . يعرج الباحث على نشاط بعثات المستكشفين اوائل القرن التاسع عشر ، ودور ” جمعية استكشاف الداخل الافريقي ” الانجليزية ، رحلات هنرمان الانجليزي 1798 – 1801 ، ريتشي وليون 1818 – 1819 . ايضا صراع القناصل إبان السيادة العثمانية ، ” لقد سمحت تسوية الشرق سنة 1840 للباشا الحاكم بكسر تحالف التجمعات البدوية الكبرى الثلاث التي كانت جموحة لرجوع نفوذ السلطة المركزية ، وكان اقواها تجمع اولاد سليمان الذي كان يسيطر على فضاء شاسع يشمل فزان ، ويمتد من خليج سرت الى تخوم تشاد . ولكن وفاة زعيمه عبدالجليل سنة 1842 ، وضع حدا لمشاريع تاجر من مرسيليا يدعى ” سوبتيل ” عقد معه عبدالجليل صفقة لتسليم اسلحة مقابل التزامات في الكبريت ، الامر الذي جعل القنصل البريطاني في طرابلس يبدو وكأنه احرز انتصارا على الممثل الفرنسي ” . يصنف الفترة 1881 – 1911 ، بمرحلة الحرب الفرنسية العثمانية الغير مباشرة ، وهي نتاج معاهدات اقتسام فرنسية بريطانية للمناطق الخلفية الافريقية . وفق مبادئ برلين 1885 . يستعرض فصول الحرب السنوسية الفرنسية ، ومعاهدة اكرومه 1917 مع الانجليز . ونتائج مرحلة الحرب الكبرى ، ومطالب ايطاليا كأحد اطراف معسكر المنتصرين ، و” الخيبة التي تولد الفاشية ” . لينتهي الى مرحلة الحرب العالمية الثانية 1940 – 1943 ، وانقلاب الوضع . بدخول ايطاليا الحرب ضد فرنسا وانجلترا ، وانحياز افريقيا الاستوائية لقوات فرنسا الحرة . والزحف الفرنسي على الجنوب الليبي 1943 ، إتمام المشروع الصحراوي الفرنسي .. ” فزان حصة فرنسا ضمن انتصار الحلفاء ” .؟

 

( 2 ) – د . محمود الديك .. عنوان المشاركة ” الدوافع والاطماع الفرنسية في جنوب ليبيا وغربها ” بداية يؤكد الباحث على ان ما تم تناوله من قبل الباحثين الفرنسيين عن تاريخ ليبيا .. يعد قليلا جدا ، كما ان مرحلة التواجد الفرنسي في ليبيا يكتنفها الغموض ، يعزي ذلك الى اهمال الباحثين الليبيين والفرنسيين على حد سواء ” دراسة هذا الموضوع بعمق ” . ويرى ان حل الاشكال يتطلب جمع الوثائق وتسجيل التاريخ الشفوي من المعمرين الليبيين الذين عاصروا الحدث . يسهب في سردية الاطماع الاوروبية والفرنسية بشكل خاص في منطقة حوض البحر المتوسط ، واحتدام التنافس بين انجلترا وفرنسا . وعناية فرنسا بمنطقة شمال افريقيا عقب الهزائم التي لحقت بحملة نابليون على مصر 1798 م ، في معركة ابي قير البحرية 1801م ، وتحطم الاسطول الفرنسي . ما عطى اهمية للمنفذ البري الوحيد عبر ليبيا. وفي مرحلة تالية عقب احتلال الجزائر 1830 م ، وفرض الحماية على تونس 1881 م . والاستعمار البريطاني لمصر 1882 م ، ثم السودان . وتطويق ليبيا . بل ويعزو الخلافات التي هزت كيان الاسرة القرمانلية الى اصابع اوروبية ، فرنسية بريطانية . يبرز ايضا مناورات القنصلية الفرنسية بين شد وجدب ، تزرع الجواسيس من ناحية ، وتتودد السلطات العثمانية بإظهار المساهمة في الارتقاء بالمجتمع وحياة الناس . ففي عام 1850 م ، اسست المدرسة الفرنسية بطرابلس .. كما يذكرنا بحادثة طريفة ، تبرز محاولة تلطيف الاجواء ومد جسور التواصل مع باشا طرابلس ، والساكنة ، من خلال سعيها المساهمة في مكافحة بعض الامراض المتفشية بين المواطنين ، فقدوصل الى مدينة المرج عام 1874 ، ضمن بعثة للجيش العثماني ، طبيبان فرنسيان ، لافال ، ولاسال . مات احدهم ، فامر باشا طرابلس اقامة نصب تذكاري تخليدا لذكراه . شكرت اسرته الباشا على صنيعه ، واردفت شكرها بالقول ، ان هؤلاء اطباء ندروا حياتهم لمهام انسانية ، وليسوا في حاجة لتخليد ذكراهم ، وكان الاولى صرف الاموال التي هدرت لأجل اقامة صرح حجري ، على الفقراء المعدمين الذين تعج بهم البلاد ، لتخفيف معاناتهم . ينقلنا الى احتدام التنافس حول بسط النفوذ على المناطق الصحراوية اواخر القرن التاسع عشر . ويلاحظ سبق بريطانيا لفرنسا في مضمار التوغل والاستكشاف من خلال تأسيس قنصليات بالدواخل ، غدامس ، مرزق . بحجة مراقبة تحريم تجارة الرقيق ، بل واطماع دول اخرى مثل ايطاليا ، والمانيا . وارساليات الرحالة المستكشفين في محاولة للتغلغل وسط افريقيا عبر فزان ، بارت ، رولفس ، نختيقال .. الخ . مرحلة اخرى تالية ابان الحرب العالمية الثانية وما بعدها ، والأبعاد السياسية والاقتصادية والإستراتيجية لاحتلال فرنسا للجنوب الليبي . اذ ” اعتبر الجنرال ديغول والساسة الفرنسيين ان احتلال الجنوب الليبي .. يجعل من المنطقة سدا منيعا لأية قوة اجنبية تتطلع نحو بحيرة تشاد او تبستي .. وكان القادة الفرنسيون يخشون من انضمام فزان لإقليم طرابلس لان ذلك سيسبب متاعب كبيرة للوجود الفرنسي وسط القارة نظرا الى اتساع الحدود الليبية التي يصعب السيطرة عليها ” . يذكر الباحث بأعمال السخرة والتعذيب التي تعرض لها الساكنة ما بعد تثبيت الاحتلال لدعائمه ، وكمشروع يهتم بالإدارة وضمان الولاء ، اكثر من اهتمامه بالتنمية . وما الت اليه السياسة الفرنسية من جنوح مفرط في استغلال الموارد الاقتصادية البسيطة للساكنة ، و سياسة الاغلاق والترهيب لكبح الاصوات المنادية بالاستقلال عن فرنسا ، ورفض بتر الاقليم عن الوطن الام ليبيا . ثم تاتي مرحلة اخرى من المناورة الفرنسية لتحقيق الحلم الصحراوي . غداة منح الاستقلال لليبيا 1951 م . وجدل حول التنازلات التي قدمتها حكومة بن حليم ، وقد سمحت لفرنسا الاحتفاظ بقواتها في فزان . ” وقعت الاتفاقية يوم اعلان الاستقلال .. وحرصت على عدم اذاعة الاتفاقية ، كما انها لم تعرض على البرلمان ” ، وكيف قوبلت بهجوم عنيف من الرأي العام بعد شيوعها . ” واعترض كذلك على المعاهدة بعض النواب للمبلغ الزهيد الذي لا يتعدى 163 الف جنيه تدفعه فرنسا مقابل تنازل الحكومة عن اقليم بأكمله ” . وكيف سعت فرنسا لتكريس النظام الاتحادي حين اصبح الاستقلال امرا واقعا ومفروضا . يعرج ايضا على اتفاقية الجلاء الموقعة عام 1955 بطرابلس من طرف بن حليم نفسه – يشغل منصب رئيس الوزراء حينها – بعدما تصدر شجب الوجود الفرنسي في فزان واجهة الصحف العربية . ” واشترطت الاتفاقية في مادتها الاولى تعديلا نهائيا في حدود ليبيا لمصلحة الاقطار الواقعة تحت حكم فرنسا في افريقيا ” وقد صادق البرلمان على الاتفاقية في جلسة سرية تحت مسمى اتفاقية صداقة وحسن جوار . وكيف ” شكل قبول بن حليم تعديل الحدود لمصلحة فرنسا رد فعل وجدال بين الاوساط السياسية ” .. الى نهاية فصول المماطلة بجلاء التواجد العسكري الفرنسي في فزان ، نوفمبر 1956 م .

 

( 3 ) – ” فزان كما شاهده الفرنسيون غداة الاحتلال ” ، مشاركة للاستاذ المولدي الاحمر ضمن فعاليات ندوة فزان . محاولة لفهم الجذور التاريخية للاهتمام الفرنسي لفزان ، والتي لا تبدأ عن لحظة الاحتلال عام 1943 م ، بل وتمتد الى حقب زمنية لاحقة قرأ فيها الفرنسيون جغرافيا المكان واستشعروا اهميتة الاستراتيجية . وقد تجلت مناحي الاهتمام في ارساليات الرحالة ورجال الاستخبارات ، خلال الثلث الاخير للقرن التاسع عشر . ” بعثة غدامس ، بعثة غات ، رحلة دوفيريه لتقصي وضع السنوسيين .. ” . فما عساهم قد شاهدوا غداة احتلالهم للاقليم ؟ يلاحظ الباحث – كمدخل للإجابة على السؤال – ان الفرنسيين ” انجزوا خلال السنوات الاربع التي اعقبت احتلالهم لفزان ، أي في وقت قياسي ، تسعة كتب ” ابرزها من تأليف الجنرال اينفولد : مغامرة الجنرال لوكلارك في الصحراء . والكتب الست للبعثة العلمية . انصب اهتمامهم اولا على التاريخ لتواجدهم بالاقليم كما في الكتاب الاول ، اما ثنايا الكتب الست فقد اهتمت بدراسة اثنولوجية السكان ، اعراقهم ، منابع الماء وطرق استغلاله ، الغطاء النباتي والحيواني . جغرافيا المكان . الحدود . اين تبدأ حدود فزان ؟ واين تنتهي ؟ في البداية اعتبر الفرنسيون منطقة الكفرة جزأ من فزان ، لكنهم تراجعوا عن حلمهم رغم انهم طردوا الايطاليين منها . يعزي الباحث السبب الى تطور العلاقات الانجليزية الفرنسية ، الذي سرعان ما ادى الى ” اعتراف الفرنسيين بنفوذ البريطانيين على كامل برقة بما فيها الجنوب وانسحابهم الكامل منها ” . وفيما اهتموا بضم غدامس ، درج ، سيناون ، حدود الاقليم الشمالية لتأمين خط العبور نحو مستعمراتهم ، اهملوا ضم واحة الجفرة في الوسط . أي التركيز على المنطقة الغربية لفزان . ” جرى الغاء حدود فزان الغربية مع الجزائر ، والتي كانت سارية في العهد الايطالي ، ونقلها الى حدود تيبستي وواو الناموس والهروج الاسود شرقا . وهكذا اصبح فزان جزء من الصحراء الفرنسية الكبرى وشبه معزول عن المنطقة الطرابلسية وبرقة ” . ينقل لنا الباحث التصور الجغراسياسي الذي اعتمده الفرنسيين من واقع كتابات روبير مونطاني وتحديده للمهم : ” عندما يعاد ادماج السكان المحليين لفزان في الكتلة الافريقية التي ينتمون اليها تاريخيا سيكون بمقدورهم اعادة اللحمة لعلاقاتهم المستمرة منذ آلاف السنين مع اقربائهم في الصحراء الفرنسية ” . وحسب التصور ذاته ، ديمغرافيا المكان تتكون من سكان :” مستقرين على علاقة وطيدة بمجموعات نصف رحل وقليل من الرحل .. عرب ، بربر ، عرب – بربر ، طوارق ، تبو ” .. وفزان لا يمكنه الحياة بدونهما معا ، يحتاج هؤلاء وهؤلاء .. ” الذين يزودونه باللحوم والصوف والزبدة والسمن ووسائل النقل ، والذين يزودونه بالتمر وعلف الابل وبعض المنتجات الحرفية والحبوب ” . لقد اهتم الفرنسيون بتصنيف العرقي للسكان وإحصائهم ، اذ التصنيف العرقي – كما يعتقد – يساعد على التقسيم والهيمنة ، وهو ما دفع بناة الدولة الليبية المستقلة فيما بعد الى رفض التصنيف العرقي في عمليات احصاء السكان . يخرج الباحث باستنتاجين : ملخصهما : – الاول : ” ان الاستعمار الفرنسي اشتغل لفترة على اعادة اختراع حدود الاقليم ” .. يورد في الخصوص خلاصة جون دوبوا ” فزان منطقة جغرافية تصل بين تونس والجزائر وافريقيا الغربية والمدارية .. ويمثل مطار سبها نقطة ارتكاز تكاد تكون مباشرة بين تونس وتشاد ومختلف مقاطعات افريقيا .. والى ابعد من ذلك ، الى حدود مدغشقر ” . – الاستنتاج الثاني : ” فزان نقطة ارتكاز حيوية لمراقبة تطور العلاقات الاجتماعية والسياسية المستقبلية التي يمكن ان تنشأ بين شمال افريقيا والبلدان المدارية ” . تكاد معظم المحطات اللاحقة تتوائم مع ما سبق ذكره ، وان اختلفت الصياغات التي تتحدث عن سياسة الاغلاق والترهيب ، وطموح فرنسا الى الحاق الاقليم بمستعمراتها في دول الجوار ، وأهمية الاقليم كنقطة وصل بإفريقيا ما وراء الصحراء . بالإضافة الى تركيز اكبر حول التنظيم الاداري . يهمنا اقتفاء محطات التجديد ، باختصار :

1 – د . جاك فريمو .. تحت عنوان ” مذكرة حول الاحتلال الفرنسي بفزان ” . في ست صفحات يسجل حركة طابور لوكليرك ، تجهيزاته ، تواريخ الاحتلال ، الخطط والعمليات ، المسافات الفاصلة بين نقاط الحركة . الكفرة تبعد مسافة 2200 كم عن فورت لامي ، و 1200 كم عن فايا لارجو شمال تشاد . وبعد محاولات كر وفر ، منها فاشلة ، ” وفي اوائل سنة 1943 قوات لوكلير المتألفة من 355 اوربيا و 2713 من السكان الاصليين ومن 440 مركبة. استولت اولا على مرزق .. ثم على كامل فزان الذي وضع تحت قيادة الكولونيل ديلنج المتمركز في سبها .. بعد عبور 1600 كم انطلاقا من زوار ” . وحل مصطلح ” فزان من نصيب فرنسا في معركة افريقيا ” . ادراكا من الفرنسيون لمطمح بريطانيا لعب ورقة السنوسية . المسألة المؤجلة النظر .

2 – د . سعيد الحنديري – جامعة التحدي سرت – . تحت عنوان ” الادارة الفرنسية في فزان 1943- 1056 ” . اهتم بذكر المهاجرين الليبيين في تشاد ، وقد تم تجنيد 115 رجلا للتعاون مع قوات فرنسا الحرة . وعن رغبة جامحة لدى البريطانيين في الاحتفاظ بالكفرة . واسهب في تفاصيل التنظيم الاداري ، مدريات ، متصرفيات . وما انجز على صعيد الخدمات والتعليم . وفي الخلاصة يشير الى مشاعر تولدت لدى اهل فزان الذين تفاءلوا ، واذا بالأمر مجرد ” استبدال السيئ بالاسوأ ” .

3 – د . عبدالله على ابراهيم – جامعة ” قار يونس ” بنغازي – تحت عنوان ” الاوضاع الادارية والاقتصادية والاجتماعية في فزان اثناء حكم الادارة العسكرية الفرنسية 1943 – 1956 ” .يشير الى شح المصادر والمراجع ، المكتوبة والمروية ، وما لا زال محفوظ في الارشيفات الفرنسية المغلقة . يسهب في تفاصيل التقسيمات الادارية ، وينتهي الى خلاصة مؤداها ان احتلال جاء لتحقيق اهداف عسكرية وسياسية استراتجية وأمنية .

 

4 – د. الطاهر الجراري . تحت عنوان ” التعليم الفرنسي بفزان تجربة شخصية ” يعود الى زمن طفولته بواحة اقار الشاطي ليسجل بعض ما احتفظت به ذاكرة طفل انتقل من حضرة الفقية والكتاتيب الى مدرسة فرنسية انشئت حديثا بالواحة ، يصف المبنى من الطوب وسعف النخيل ، وحالة البؤس التي يعيشها الساكنة ، وفي ثنايا خيالات باهتة يشير الى عدم تألف الناس بما يفرضه المسئول الفرنسي من اجراءات امنية تطال البعض ، وقد ” تجرأ ، اثناء تجواله في البلدة ، للبحث عن الاسلحة وغيرها ، على فتح البيوت واقتحام حرمتها والتعرض لنسائها ” . وكيف انه كان تعليما مهنيا بهدف تكوين عمالة ماهرة لتنفيذ الاغراض العليا للسياسة الفرنسية ، ولم يكن تعليما راقيا يؤسس لتثقيف شعب ، ” لان الثقافة سلاح اذا ملكه الاهالي سيستعملونه ضد الفرنسيين ” . تجربة قصيرة استمرت لمدة عام ، وانتهت بانتقاله الى الشمال رفقة ابيه .

 

5 – د. المنصف وناس – جامعة تونس – تحت عنوان ” الادارة الفرنسية في فزان وطبيعة علاقتها باسرة سيف النصر ” . والتي هي تحالف ضمني في اطار كسب المجتمع المحلي وضمان ولاء الزعامات القبلية واضفاء المشروعية السياسية . يصفها بالمشاركة الشكلية في السلطة مع التمتع ببعض الامتيازات المادية . ” وللتدليل على هذه الهامشية السياسية ، فقد كانت الحكومة الاتحادية في عهد مصطفى بن حليم المعلنة في نوفمبر 1954 م مضطرة الى التفاوض مع الضباط الفرنسيين وليس مع احمد سيف النصر كلما كانت معنية بشأن محلي فزاني ” . ليخلص الى ” ان الاستراتيجيات الفرنسية الاقليمية كانت تتجاوز بكثير عائلة سيف النصر وربما اقليم فزان بكامله “. وفي ذات الموضع يرى ” ان السلطات الفرنسية عمدت عن قصد الى تضخيم شخصية احمد سيف النصر والى دفعه الى تبني مشروع الاستقلال الذاتي لفزان ” . والتمرد على السلطة المركزية . وللتدليل على التضخيم يشير الى حادثة استقاها من ” الارشيفات التاريخية ” حسب تعبيره . حينما تلقى احمد سيف النصر برقية تفيد باستعداد رئيس الوزراء محمود المنتصر لزيارة الاقليم : ” رد عليها ردا سياسيا قاسيا لافتا للانتباه حين اكد على انه سيقوم هو بنفسه باطلاق الرصاص عليه باعتباره عميلا ايطاليا على شاكلة والده . وهو يشير بذلك الى ان محمود المنتصر كان يتقاضى راتبا من ايطاليا ، كما ترأس في فترة من الفترات جمعية القمصان السوداء وهي جمعية فاشية ” . يفسر الواقعة على انها ليست من باب الجهل بادبيات البروتوكول السياسي ، بقدر ما تحمل من نزعة استقلالية . وان كان الباحث لم يحدد الارشيف التاريخي الذي استقى عنه الواقعة ، والتي تضمر قدح اريد استدعائه في ندوة علمية برعاية نظام انقلابي اراد طمس تاريخ العهد الملكي السابق وتشويهه ، واستدعاء هفوات ، ان لم تكن افتراءات لتبرير موقفه . يعرج على اتفاقية الصداقة التي وقعها بن حليم مع الفرنسيين مستشهدا برأي يقول ” اضحت فزان وكأنها حاملة طائرات تربط بين شمال افريقيا وإفريقيا الفرنسية الاستوائية ” . ويخلص الى ان الادارة العسكرية الفرنسية استلمت الاقليم فقيرا معدما وغادرته وهو في الحالة ذاته . وان ” المسألة الاكثر غموضا والتباسا هي موقف احمد سيف النصر من وحدة ليبيا حيث يدلل سلوكه السياسي وخاصة علاقته بالحكومة الاتحادية في عهد مصطفى بن حليم على عدم وجود حماس واضح للقبول بمشروع توحيد الاقاليم الثلاثة ” .

 

6 – د. حبيب وداعه . تحت عنوان ” الاحتلال الفرنسي لفزان وولادة الحركة الوطنية في الاقليم ” . يتناول اساليب بسط فرنسا هيمنتها على فزان ، وكيف انها ” لم تمكن قوات الاحتلال احمد سيف النصر الذي جاء على راس المجندين الليبيين من مباشرة اية مسؤوليات ، رغم تسميته متصرفا مدنيا للاقليم ، حيث بنت له بيتا في سبها وخصصت له حراسات وفرضت عليه العزلة ” . ويعود في نفس الموضع مذكرا باستفادة فرنسا من نفوذه الادبي ، والى ان ” السكينة التي رانت على فزان وقبائلها التي عرفت بمقاومتها للعثمانيين الاتراك والمستعمرين الايطاليين إنما يعود ، في عهد الاحتلال الفرنسي الى تعاون احمد سيف النصر وأمثاله ” . يأتي على ذكر دعوة الحاكم الفرنسي للاجتماع بمشائخ واعيان فزان اواخر عام 1945 م . ووعوده بشق الطرق وتدشين الخدمات ، وتشكيكه في الجامعة العربية ودورها . وارتياب الاعيان من نواياه . ما ولد الشعور بالحاجة الى مقاومة مخططات فرنسا ، وثم على غرار ذلك تأسيس الجمعية السرية ، او الجمعية الوطنية بفزان ، عام 1946 م ، وما كان من ادوار لروادها : الشيخ عبدالرحمان البركولي ، الوزير محمد عثمان الصيد ، الشيخ عبدالقادر بن مسعود ، ينسب الفكرة للشيخ البركولي ، في رفض ضمني لرواية الوزير الصيد في مذكراته . يذكر ايضا بتشدد الشيخ بن مسعود الذي قاد عملية الهجوم على قلعة قاهرة بسبها . وعن تنقلات الاعضاء لتهيئة الرأي العام وتوعيته بمطامح فرنسا وخطر الانفصال عن ليبيا الام . وتعرضهم للسجن والتعذيب والنفي ، وذاك الصراع المرير الذي خاضته الجمعية في مواجهة بطش وقمع السلطات الفرنسية ضد الثوار وأقربائهم . وتطورات الاحداث بعد صدور قرار هيئة الامم المتحدة 1949 بمنح ليبيا استقلالها ، ودخول الحركة الوطنية في طور جديد اتسم بالصراع المرير ” وهذا ما كشفت عنه مواقف الحركة الوطنية في مواجهة لجنة تقصي الحقائق الدولية ، وفي معارضتها الشديدة لمشروع انشاء الحكومة المختارة برئاسة احمد سيف النصر ” . يعلل الظروف التي هيأت لها النجاح في مسعاها امام اللجنة الرباعية ، ومنها ” ان التناحر من اجل المصالح الاستعمارية جعل هذه الدول – بريطانيا وفرنسا – تعوق تنفيذ القرارات التي اتخذتها بصورة مشتركة ، .. وبالتالي تم تحويل القضية الى الجمعية العامة للأمم المتحدة ” .

 

7 – د . فتحي ليسير .. تحت عنوان ” جلاء فرنسا عن فزان من خلال شهادة رئيس الوزراء مصطفى بن حليم ” . قراءة في كتاب مصطفى بن حليم ” صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياسي ” والذي افرد ما يقارب من ثلث الكتاب لمسألة التفاوض حول فزان وتوقعه للمعاهدة ، يأتي على كل المبررات التي زفها بن حليم ، منها ان سابقه محمود المنتصر هو الاخر كان يرغب في عقد اتفاق ظنا منه ” ان نفوذا فرنسيا قويا في فزان سيحد من الاطماع الاقليمية لعائلة سيف النصر التي كانت تهدف الى ضم جزء من منطقة سرت الى فزان ” . وينقل عنه ايضا رأيه في الفرق بين استعمار واخر لقناعة شخصية راسخة للرجل مؤداها ” ان مطامع فرنسا في ليبيا كانت تتميز عن مطامع الدول الغربية الاخرى بأنها مطامع استعمار توسعي ” . وهي الاتفاقية التي تم بموجبها تعديل الحدود لمصلحة فرنسا مقابل خروجها من فزان . ويذكر في السياق استنكار جمعية عمر المختار التوقيع على المعاهدة ، وبروز اصوات مناهضة حتى بلغ بها الامر ” حد اتهام مصطفى بن حليم بتلقي رشوة من الحكومة الفرنسية وهي عبارة عن صك بمبلغ 250 الف جنيه استرليني سلمها له المقيم العام الفرنسي بضاحية قمرت يوم 28 جويليه 1955 في طريق عودته من باريس ” . ويذكر ايضا بـ “اتهام القذافي لاحقا ، . بن حليم بالتواطؤ مع فرنسا من خلال بيع شريط اوزو لقاء رشوة بالملايين ” . ومن نافل القول ينبه الى الحاجة الى التمحيص في ارشيف وزارة الخارجية الفرنسية ، ولن يتسنى ذلك إلا عندما يفتح الارشيف امام الدارسين والباحثين .

 

اعداد : الجمعية الفرنسية الليبية للثقافة والعلوم