حوار
تتشرف الجمعية الفرنسية الليبية للثقافة والعلوم باجراء حوار مع ابرز المدونيين الليبيين من ذوي الاحتياجات الخاصة ، الاسشتاذ والمدون عبدالسلام مصطفى شليبك :
السؤال ( 1 )
نريد أن نعرف شيئاً عن سيرة حياتكم الشخصية ؟
اسمي عبداالسلام مصطفى شليبك أنا ابن مدينة جنزور، ومنها بدأت رحلتي التي صاغتها تجربتي كواحد من الأشخاص ذوي الإعاقة. لم تكن بداياتي تقليدية؛ فقد تأخرتُ في تعلم الكتابة لصعوبة استخدام القلم، لكن التكنولوجيا كانت حليفي الاستراتيجي، حيث مكنني الحاسوب من تجاوز العوائق الجسدية والانطلاق نحو التعبير الفكري بحرية. هذا التحدي الشخصي انعكس على اهتماماتي، فوجدت نفسي غارقاً في قراءة التاريخ الليبي، باحثاً في جذورنا ومسيرة الأجداد؛ لأنني أؤمن بأن فهم ليبيا ليس ترفاً معرفياً، بل هو بحث عن الهوية والعدالة المفقودة، وعن دولة المواطنة التي تتسع للجميع.
السؤال ( 2 ) :
بالنظر إلى تجربتكم في مجال الدفاع عن حقوق "الأشخاص ذوي الإعاقة"، ما مدى اهتمام الحكومات المتعاقبة في ليبيا بهذه الفئة ؟
للأسف، الفجوة لا تزال شاسعة بين المعايير العالمية التي تتحدث عن "الدمج والتمكين"، وبين الواقع الليبي الذي لا يزال عالقاً في مربع "الرعاية الشكلية". الحكومات المتعاقبة تعاملت مع ملف الأشخاص ذوي الإعاقة كإجراءات بروتوكولية هامشية، لا كحقوق دستورية ملزمة. نحن نفتقد لسياسات وطنية حقيقية للإتاحة (Accessibility) وللعيش المستقل. اللوحات الزرقاء في مواقف السيارات لا تكفي وحدها لصناعة بيئة دامجة ومحترمة. نحن بحاجة لنقلة نوعية في العقلية الرسمية: من التعامل معنا كحالات تستحق الشفقة، إلى مواطنين كاملي الحقوق يستحقون بيئة مهيأة وفرصاً متكافئة في التعليم والعمل والحياة العامة.
السؤال ( 3 ) :
من خلال تجربتكم مع موقع "مدونات ليبية"، ماذا حدث للمشروع وكيف انتهى؟ وما تقييمكم لهذه التجربة ؟
تُعتبر تجربتي مع منصة "مدونات ليبية" محطة مفصلية واستثنائية في مسيرتي الرقمية. شاركتُ في هذا المشروع كمشرف متطوع ضمن فريق عمل طموح، مدعوماً بشراكة دولية من المفوضية الأوروبية وقناة "فرانس 24" وإذاعة فرنسا الدولية (RFI). انطلقت هذه الرحلة في عام 2012، وكان هدفنا النبيل هو خلق فضاء حر ومستقل للمدونين الليبيين، ومنصة جامعة للأصوات الشابة للتعبير عن آرائهم وآمالهم بعيداً عن الاستقطاب. طوال تلك السنوات، حققت المنصة نجاحاً لافتاً؛ فقد تحولت إلى "مجتمع رقمي" نابض بالحياة ، ونجحت في أرشفة وتوثيق مئات التدوينات التي عكست الحراك الفكري والاجتماعي في ليبيا آنذاك. لكن، للأسف، بحلول منتصف عام 2017 تقريباً، توقفت التجربة، وكانت النهاية صادمة وغير متوقعة، وتلخصت في مأساتين: أولاً: التوقف المفاجئ للدعم المالي، مما جعل استمرار العمل التقني والتنظيمي أمراً مستحيلاً. ثانياً: الإغلاق غير المهني وضياع الذاكرة؛ إذ تم إيقاف اسم النطاق (الدومين) فجأة ودون أي إشعار مسبق لنا كفريق إدارة ليبي. لم تُتح لنا الفرصة لأرشفة المحتوى أو حفظ نتاج المدونين الفكري. المفارقة الصارخة اليوم هي أنك لو حاولت الدخول إلى الدومين الرسمي للمشروع (libyablog.org)، سيتم تحويلك آلياً ومباشرة إلى موقع قناة "France 24". هذه الحركة التقنية حملت رسالة قاسية مفادها أن السيطرة الفعلية على "الأرض الرقمية" لم تكن يوماً بأيدينا، بل بيد الجهة المانحة. رغم مرارة النهاية، تعلمتُ درساً لا يُنسى حول مفهوم "السيادة الرقمية": لا يمكننا بناء ذاكرة وطنية مستدامة على منصات لا نملك مفاتيحها. لقد كانت تجربة ثرية جداً، لكنها نبهتني بضرورة أن يمتلك المدونون الليبيون أدواتهم ومنصاتهم الخاصة لضمان بقاء أصواتهم وحماية إرثهم من المحو.
